يقول (أحمد صبري غباشي) :
" أحمدٌ أنا ؛ ولديّ أسبابي" .. هو لا يعرف هذه الأسباب .. لكن المحيطين
والمتتبعين له يعرفونها ؛ فهي على التوالي : المثابرة ، والجدية في الكتابة ،
والموهبة الذكية ، والتطلع المشرق أدبيا و وجودياً .
(أحمد صبري غباشي) أديب مصري شاب يبلغ
السابعة عشرة ، يكتب القصة القصيرة والرواية والمقال بحس ساخر عال فعلاً . كلما
قرأت لهذا الكاتب الموهوب أردد لنفسي : " تذكري هذا الإسم جيدا ، إنه قادم
..قادم!! "
حاورته : منى وفيق - المغرب
1 – أحمد صبري غباشي ، ماذا
يعني لك أن تكون أصغر كاتب مصري؟
عامةً لا أعتقد أن هناك معنى لكلمة ( أصغر ) غير أن
تكون ( الأقل شأناً ) .. وبالنسبة لموضوع العمر فهذا لا يشكل فارقاً كبيراً عند
الكثيرين - وهذا هو المفترض - .. أما بالنسبة لوقع ذلك عليّ شخصياً : فهذا يدفعني
للثقة بعض الشيء بنفسي ، أو أن أبلغ مرحلة كبيرة من التضرر فأظن - أحياناً قليلة -
أني أسبق أقراني إلى النضج الأدبي .. ولكن هذا لا يدوم معي كثيراً لأني أروّض نفسي
بشدة .
2 –
يلقبونك بيوسف ادريس الصغير..ثمة شبه بينكما شكلا فعلا ، أتحس الشبه هذا يتجاوز
الشكل إلى طريقة الكتابة مثلا؟
أعتز بهذا اللقب كثيراً - بغض النظر عن عائلة ( يوسف
إدريس ) التي لاشك ستغضب ! - لأن الأديب الرائع : ( د. أحمد خالد توفيق ) هو من
أطلقه عليّ ..
تأثرت بـ ( يوسف إدريس ) في الكتابة كثيراً بالفعل ؛
ومن وسط كل ما قرأته لم أصادف بعد في الأدب العربي قاطبةً - وربما العالمي - من
يكتب القصة القصيرة بنفس براعته .. أخشى أن أثرثر كثيراً في هذا الصدد لأن الثرثرة
تحلو لي عندما أتحدث عن هذا الرجل .. لكن بالنسبة لكتابتي حالياً .. فأعتقد أني
خرجت من قيد تأثري بكاتب معين وأصبح لي أسلوبي الخاص نوعاً ما .. لكن ( يوسف إدريس
) مرحلة في حياتي لا أنكر وجودها قطعاً .
3 – أنت شديد الإعجاب بالدكتور أحمد خالد توفيق ، ألم تتمن يوما لو أنك
تتبنى نفس خطه الإبداعي؟
على فرض أن هذا حدث .. ثم ماذا بعد ؟ .. ماذا سيفيد
القارئ لو فوجئ أمامه باثنين ( أحمد خالد توفيق ) .. واحد أصلي مبدع لم يحدث في
الأدب العربي من قبل .. وآخر شبيه به يتصنع أسلوبه .. أرفض هذا طبعاً .. أسعى لأن
يكون هناك ( أحمد صبري غباشي ) مستقل يميزه القارئ وقت أن يراه ؛ ويحرص على
متابعته .. وأتمنى فقط لو أبلغ ربع الإبداع الذي يُخرجه ( د. أحمد ) لجماهير الأدب
العربي .
4 – هل تتلقى أي مساندات معنوية ومادية من أدباء يؤمنون بموهبتك وبضرورة
رعايتك فكريا وأدبيا؟
في بداية الأمر لم يكن هذا .. لكني سأكون جديراً
بالطعن حتى الموت لو أنكرتُ هذا حالياً .. هناك الكثير من الكتاب الذين لا أنكر
دورهم - المؤثر جداً جداً جداً - في حياتي الأدبية ؛ وربما حياتي عامةً .. على رأس
هؤلاء ( د. أحمد خالد توفيق ) ، والأديبة المتميزة : ( نجلاء مِحرم ) ، والكاتب
المتألق ( د. محمد فتحي ) ، و ( أ. محمد سامي ) صاحب ( دار ليلى للنشر ) - أعانه
الله علينا - ..
أخشى أنني قد نسيتُ أحداً ؛ وهذا أنا متأكد منه !!
5 – كيف ساعدوك؟ وماذا قدموا لك؟
هذا شبيه بأن تطلبي مني سرد ما تم في العامين
الأخيرين بكل ما جرى فيهما .. موضوع يطول شرحه ؛ لأن هذا أولاً سيجبرني على أن
أحصر كل من ساعدوني ؛ وإجابتي السابقة لم تحصرهم وإنما فقط ذكرت أمثلة .. وثانياً
سيكون احتمال أن أنسى أشياء كثيرة - كبيرٌ جداً .. لكن بشكل مختصر ؛ فإنهم يقدمون
لي الدعم المعنوي اللامنقطع ، والحرص والاهتمام على متابعة ما أكتب ،وانتقاده بشكل
جاد يخرج عن إطار ( أحسنت يا ولد ؛ سأكافئك بشكيولاته في المساء ) .
6 – ماذا عن الإصدارات؟ وهل تجد أنها مهمة لأن يقال " أحمد صبري غباشي
، كاتب مصري شاب."؟
لم يصدر بعد الإصدار المستقل الذي يحمل اسمي - ربما
لحسن حظ الأدب العربي - .. كل إنجازي في النشر كان على شبكة الإنترنت .. كذلك كل
ما صدر لي بالنسبة للمطبوعات هي إصدارات جماعية كان لي فيها مشاركات .. ولم يُشف
هذا غليلي على الإطلاق لأن النشر المطبوع - والنجاح فيه بشكل ساحق - هو أحد أكبر
أحلامي في الحياة عموماً ، ولابد بإذن الله أن أسعى جاهداً لتحقيقه .. فمهما حقق
النشر على شبكة الإنترنت نجاحاً فسيبقى
للإصدار المطبوع قدره ومكانته عند القراء .. ولن تصل رسالتي التي أصر على
توصيلها للناس كما أريد إلا بالنشر المطبوع .. كتبت حتى الآن مجموعتين قصصيتين
وأسعى في مشروع روائي ضخم ، هذا بالإضافة لكتاب يحوي المئات من القصاصات بعنوان :
( ومضات من حياة شعب ) .. سأتقدم بإحدى المجموعتين لإحدى دور النشر المصرية هذا
الصيف إن شاء الله .
7 – كيف تجد الجيل الجديد من كتاب القصة القصيرة والرواية في مصر؟
من تقصدين بالجيل الجديد ؟ .. من بدأت أسماءهم تلمع
فعلاً ولهم إصداراتهم الخاصة ؟ أم أقراني من الجيل الذي لم يصدر مطبوعات بعد ؟
كلاهما
لا أدري لمَ تصعب الإجابة على هذا السؤال ؟! .. هذا يضعني
في موضع الكهل الحكيم العالم بالأمور على الرغم من أن وضعي معكوس تماماً ولستُ
مؤهلاً للحكم في ذلك .. لكن عموماً سأبدي رأيي .. بالنسبة للصنف الأول ؛ فهناك
مواهب مبشرة للغاية لكنها - لسبب ما لا أعرفه ، ولا يعرفه أحد على الأرجح - تتوقف
.. وبهذا تترك المجال لكتاب آخرين يغرقون في الذاتية والغموض - وهذا هو ما يستفزني
بعنف في كتاباتهم ..
أشعر أنهم يؤمنون أن عليهم - كي يثبتوا لأنفسهم
موهبتهم غير الهينة - أن يُغرقوا في الغموض والذاتية مستخدمين بذلك المعقد من
الألفاظ والتشبيهات على حدٍ سواء .. وكأنهم ينتقمون بهذا انتقاماً سادياً من
القارئ المسكين .. هناك البعض ممن ينصلح حالهم فيما بعد ويرجع إلى صوابه ليكتب
كلاماً يفهمه الناس .. ومنهم من تعجبه لعبة الإغراق في الغموض هذه ويظل على عناده
.. أما بالنسبة للصنف الثاني - أقراني من الجيل الذي لم يرَ النور بعد - .. فلا
يختلف الحال كثيراً .. لكن الفارق أن المواهب المبشرة كثيرة جداً بالفعل .. لكنها
في ذات الوقت باعثة على الحسرة لأن هؤلاء لا يلقون فرصتهم للنشر .. ينقصهم فقط بعض
الصقل والخبرة الدراسة كي يصيروا كتاباً لا يشق لهم غبار ؛ خاصة مع توافر حماستهم
المثيرة للإعجاب ..
وهناك منهم الذين يتعلقون بذيل الدراسة الأكاديمية
بشكل زائد عن الحد قد يسبب النفور .. ويثبّت في رأسي يقيناً يصعب تغييره أنهم حفنة
من المتحذلقين .
8 – ماذا تؤمّن لك الكتابة يا أحمد ؟
تؤمّن لي نفسي .. تُشعِرني أني لا زلت إنساناً قادراً
على الحس والتفكّر والنظر للأمور - مهما عظمت - بمنظوري الشخصي الذي أحلله حسبما
يتراءى لي ..
تؤمّن لي إضفاء طابعي الخاص على كل الموجودات من حولي
، وتكسبني الثقة في موهبتي أكثر ، وتردني إلى طبيعتي متى سرتُ في الطريق الذي قد
يحولني إلى مسخ .. وهذا تم معي كثيراً من قبل فعلاً .
ً
9 – ما تسعى له كإضافة لجنس القصة القصيرة؟
لو كنتِ قد باغتّني بهذا السؤال وأنا غارق بين أوراقي
أخطط لأشياء كثيرة بالنسبة لمشاريعي الأدبية - ربما ثرثرتُ معكِ لمدة أسبوع متواصل
.. لكنكِ عندما تأتين بي لتقولي استعد سأجري حواراً معك وتسألينني سؤالاً كهذا ..
فمن المثير أني قد تفاجأت بنفسي الآن عاجزأ عن الجواب .. لكن مبدئياً سأجيب بأني
أسعى لأن أضيف لجنس القصة القصيرة شيئاً من طابعي الخاص ؛ وسأحرص دوماً على أن
يكون جديداً غير تقليدي .
10 - وما هي مشاريعك الكتابية؟
الكثير من القصص القصيرة - لأن انتمائي للقصة القصيرة
في الأساس - .. كما يوجد في ذهني ما يقرب من 4 أفكار لـ 4 روايات جادة بدأت أخطط
لها فعلاً .. منهم رواية ضخمة جداً وستستغرق وقتاً طويلاً للغاية .. بالإضافة إلى
اهتمامي مؤخراً بكتابة المقالات ولا أعتقد أني سأتخلى عن هذا بسهولة لأن الأمر
ممتع حقاً .. ثم كتاب القصاصات هذا الذي حدثتك عنه .
11 – ما رأيك بالنشر الإلكتروني ؟ وهل وفّاك حقك الإبداعي كاملا ؟
ليس كاملاً طبعاً .. ولن يوفيه كاملاً إلا النشر
المطبوع كما أسلفتُ .. أما عن رأيي فيه فقد كان - على المستوى الشخصي - بمثابة
نقلة كبيرة جداً جداً في حياتي الأدبية .. هو من أشعرني أن لي جمهوري - ولو بدا
صغيراً - وصادفتُ عن طريقه الكثير من الفرص التي أفادتني كثيراً .. كما أن 70 % من
ثقتي في موهبتي حالياً ما كانت لتوجد لولا نشري كتاباتي على الشبكة ..
أما عن غيري فأعتقد أنها أتاحت فرصاً كثيرة أيضاً
للكثيرين .. لكنها في ذات الوقت سمحت لذوي المواهب الضعيفة للغاية بأن يظنوا في
أنفسهم موهبةً جبارة ليست فيهم .
12 – تقول : " أحمدٌ أنا ولدي
أسبابي"..فما أسبابك؟
إن أردتِ أن أصارحك فالعبارة لا تتعدى كونها عبارة
متحذلقة .. اتخذتها سلاحا يكون بمثابة دفاع أشهره في وجه الجميع كي أبرر أي فعل
أقدم عليه مهما كان .. أفاعيل طفولية جداً
كما ترين ! .. لا تهتمي .
13 – هل النقد الأدبي غائب يا أحمد أم يتناسى أم تراه يتجاهل؟
على الشبكة لا أعتقد في غياب النقد عن أي شيء .. فهذا
عالم خاص لا حدود ولا قيود له .. وهذا هو أفضل ما فيه - وإن كان لهذا مظاهره
السلبية - .. لكن عندما نتحدث عن نقد الكبار .. أي النقد الخاص بالصحف والأوراق
والبرامج التليفزيونية المُجهَّزة والأشخاص ذوي الاتجاهات الغريبة .. فهذا نحصل
عليه بشق الأنفس .. ولا أظنه يعنينا كثيراً إلا لو كان جاداً معبراً .
14 – ما الذي يثيرك في التراث العربي أوالعالمي وتجده منبعا لا ينضب
للكتابة؟
تربكني دائماً الأسئلة الخاصة بالحصر أو استحضار
الأمثلة .. لكن عموماً ، إن ما يثيرني يكون حسب طبيعة العمل نفسه .. بغض النظر عن
كونه من التراث أو لا .. وكون التراث موجوداً لا يعني أنه لا توجد إبداعات أروع وأدق منه .
15 – تغيب اللغة الشعرية عن أعمالك ، هل هذا مقصود منك؟
ليست غائبة تماماً .. لكني نادراً ما أستخدمها ؛ وهذا
ليس مقصوداً بالطبع .. لكنه لا يتوافق مع طبيعة أسلوبي الساخر في كثير من الأحيان
.
16 – إذا كان يوسف ادريس ملك القصة فمن ستكون أنت؟
أمير القصة .. ما رأيك ؟ .. سيبدو هذا مضحكاً ..
فعلاً لم أجد إجابة غير هذه ..
حسناً .. أرغب أن يقال عني أني أكثر الكتاب الذين
نجحوا في توصيل رسالتهم للقارئ ؛ وصنعوا بذلك تغييراً إيجابياً ، وأن يكون الشيء
الذي يفعله القارئ بعد انتهائه من قراءة أحد أعمالي هو أن يدعو الله بأن ( يصلح
حالي ) !
17 – كلمة أخيرة لهداية نت:
ما دام موقع هداية نت - على تميزه - لا زال يحاول
جاهداً إحداث تغيير نحو الأصلح .. فالله معه ! .. وشكراً لإتاحته الفرصة لي لأن
أظهر بمثل هذا الشكل .. وشكراً لكِ .