أبطال عرض رواية
''عزازيل'' التي أثارت ضجة: واجهنا حروبا شرسة لإحباطنا (حوار)
عن موقع مصراوي .
حوار- هبة البنا بتاريخ 1 نوفمبر 2012:
المسرح المستقل، الفن في الأقاليم، النصوص المحلية زهد التكاليف،
ضعف الإمكانات، حرب الكبار كلها تحديات تخطتها فرقة ''ميلوفرينيا'' حين قدمت أول تجسيد
لرواية ''عزازيل'' ذات الصدى الواسع عالميا وهي للأديب الأكبير يوسف زيدان، ورغم صعوبة
النص الذي يعد في المقام الأول نص لصراع نفسي يمر به بطل الرواية ''هيبا'' نجح العرض
في إرضاء عدد من الجمهور والأدباء والنقاد بل إنه حقق سمعة جيدة في ثلاثة عروض فقط
بدأت بمهرجان الزقازيق للمسرح مرورًا بالعرض على مسرح كلية الطب بجامعة المنصورة وأخيرًا
عرض مسرح البالون والذي شهد إقبالا اضطر القائمين عليه إلى إعادة العرض مرتين في ليلة
واحدة كي يتسع لكل من أتى خصيصا لمشاهدته..يحدثنا أبطال العرض عن عزازيل وعن ما واجههم
من صعوبات وعقبات تلاها هذا المردود القوي.
أحمد صبري غباشي
''هيبا''
بطل العرض ومعالج النص ومخرجه أحمد صبري غباشي الذي أخرج
4 عروض كلها من تأليفه إلا ''عزازيل'' مواليد 1989 متخرج من كلية الآداب يعمل بالمسرح
المستقل كمخرج وممثل من أهم العروض التي أخرجها، نقطة ومن أول الثورة، حياة، وعزازيل
التي نتحدث عنها أسس فرقة ميلوفرينيا منذ 3 سنوات لكنها لم تكن تحمل اسما محددا حتى
آمن هو بأن المسرح مزيج بين جنون الـ ''ميلودراما'' وانفصام الـ''شيزوفرينيا'' لذا
فقد اخترع هذا المصطلح ليكون اسما لفرقته ''ميلوفرينيا''.
حدثنا كيف جاءت لك فكرة تجسيد عزازيل في عمل
مسرحي وكيف تصورت استقبالها؟
أنا كنت معجب بالرواية جدا وأتمنى تقديمها على المسرح وكانت
هناك مشكلة وهي طبيعة الرواية التي تعتمد على الحوار الداخلي أكثر من أي شيء آخر وهو
ما اضطرني إلى التغيير قليلا في سياقها كي يتجسد هذا الحوار الداخلي في أحداث مرئية
على المسرح.
أما عن استقبالها فقد هوجمت بشدة بمجرد إعلان نيتي عن تقديم
هذا النص على المسرح إما لأن هناك من رأوا استحالة تقديم نص كهذا بشكل مرئي أو لتوقع
البعض أنه سيحدث صدى كبير وهو ما كان ضد مصلحتهم.
كيف هوجمت من قبل من خافوا من هذا العرض؟
هوجمت بأكثر من طريقة من مسرحيين كبار خافوا أن نسرق الضوء
منهم بداية من الإحباط ومحاولة إثنائنا عن تقديمها وصولا إلى سرقة ممثلي الفرقة كي
نضطر إلى التوقف أو نفشل ولا نتمكن من استكمال المشروع، لكني أيضا لا أريد أن أعمم
فهناك من ساعدونا وشجعونا على الاستكمال.
متى كان العرض الأول للرواية؟
كان العرض الأول في مهرجان الزقازيق للمسرح وقد حازت المسرحية
على إعجاب لجنة التحكيم وحصلت على درع أفضل عرض، ودرع التميز، كما حصل زميلنا في العرض
الممثل محمود دياسطي على جائزة أفضل ممثل عن دور عزازيل وحصلت أنا على الجائزة الثانية
في الإخراج، كما حصلنا على جائزة أفضل مكياج.
بمناسبة المكياج، ألم يكن من الغريب أن يقوم
بدور ''هيبا'' الجنوبي شاب ''أشقر'' مثلك؟
لقد استخدمنا الماكياج لحل هذه المشكلة في عرضنا الأول بالزقازيق،
إلا أنني شعرت أنه كان مبالغ فيه لذا قررت التخلي عنه والاعتماد بالكامل على أدائي
كي يصدق الناس أنني هيبا.
وهل ترى أن المسرح يترك مساحة من الخيال هي التي
جعلت الناس يتقبلوا العرض رغم بعض الاختلاف عن الرواية؟
على العكس تماما المسرح ميزته الأساسية هي أنه ''يحدث الآن''
وهذا ما يعطيه طابعا خاصا عن السينما، كما أنه يقربك للغاية من الشخصيات والأحداث وقد
قال في هذا الشأن أحد أصدقائي مقولة في غاية التعبير وهي أن الفرق بين السينما والمسرح
كالفرق بين المعلب والطازج وهذا ما أصدقه.
في حادثة نادرة ومرهقة قمتم بإعادة العرض مرتين
في ليلة واحدة على مسرح البالون هل رتبتم لهذا؟
بالطبع لم نرتب لتقديمه مرتين لكن أعداد الجمهور التي فاجأتنا
وصغر قاعة العرض اضطرتنا واضطرت إدارة المسرح لإعادته كي يشاهده كل من جاء خصيصا لذلك.
ومع العمل لثلاث ساعات متواصلة على المسرح وفي
الكواليس أيهما طغى المتعة أم الإرهاق؟
لا أنكر أننا كنا مرهقين للغاية خاصة مع البروفات المضنية
التي سبقت العرض وكان هناك بعض الممثلين استلموا أدوارهم قبلها بأيام بسبب حرب خطف
الممثلين التي تعرضنا لها، إلا أن الاستمتاع طغى على كل هذا وشعورنا بأهمية ما نقدمه
المنبعث من اهتمام الجمهور به كان لا يضاهى وهو ما ساعدنا على تناسي هذا التعب.
هل تسبب التغيير في النص في أي مشكلة مع الأديب
يوسف زيدان وما سبب عدم حضوره العرض رغم الإعلان عن هذا؟
كان الدكتور يوسف زيدان بالفعل قد أبدى نيته للحضور إلا أنه
تخوف أن يخطف منا الأضواء وهذا ما أوضحه لي بنفسه لذا فضل أن يحضر عرض الإسكندرية بعد
أن نكون قد حصلنا على الاحتفاء الخاص بنا، أما عن التغيير في النص فهذا شيء حتمي ليناسب
طبيعة المسرح ومع ذلك فلم نتجاهل أي حدث رئيسي في التناول ومررنا عليها جميعا لكن مع
اختصار بعض التفاصيل، الحدث الوحيد الذي قمت بتغييره هو أن جعلت هيبا قتل هيباتيا بنفسه.
لم جعلت هيبا يقوم هو بقتل هيباتيا؟
الغرض من ذلك كان إبراز عقدة الذنب التي تشكلت عنده بشكل
واضح على المسرح، والتي كان سببها في الرواية هو سكوته عن مقتلها، كان من الصعب إبراز
ذلك دون أن يكون قد شارك بنفسه، كما كان هذا المشهد معالج بشكل خاص كي يبدو كلاهما
ضحية وليس جاني ومجني عليها.
هل عرف زيدان بهذا التغيير؟
نعم لقد سمع عنه وسألني لماذا قمت به، لكني رجوته أن يشاهد
العرض أولا ثم نناقش هذا.
هل كنتم قد استأذنتموه قبل أن تقرروا تقديم الرواية؟
طبعا استأذناه وبالرغم من أنه كان قد رفض أكثر من عرض لتقديمها
إلا أنه شعر بحماسنا ووثق فينا ووافق أن نقدمها، هذا برغم عدم اطلاعه على النص المسرحي.
لماذا اخترت عزازيل لتنفيذها ولم تختر أي نص
أجنبي كما يفعل الجميع؟
لا أرى سببا لاختيار نصوص أجنبية طالما لدينا نصوص رائعة
كهذه بل ونجحت عالميا وتمت ترجمتها لأكثر من لغة أنا أرفض فكرة تقديم نصوص عالمية بل
أهدف إلى صناعة مسرح عالمي بنصوص محلية.
هل رأيت أن ليلة واحدة كافية لعرض عزازيل رغم
هذا النجاح؟
إنها ليست فقط غير كافية، لكن هذا غير عادل أيضا فنحن نحضر
لهذا العرض منذ ما يزيد عن أربعة أشهر، هل من المنطقي أن نعمل 4 أشهر لأجل ليلة عرض
واحدة! هذه أحد سلبيات مسارح الدولة والتي تعد عقبة كبيرة أمام المسرح المستقل، هذا
بالإضافة لأن الإمكانات تكون متواضعة للغاية، ونعتمد على أنفسنا في كل شيء.
لكن الحمدلله جاءت بعد ذلك لنا طلبات كثيرة لتقديم العرض
في أكثر من مكان، وسنقوم بجولة على المسارح كي تأخذ عزازيل حقها من العرض.
لاحظنا بعض المشاهد الاستعراضية التي خدمت السياق،
هل استعنتم بمصممي رقصات؟
استعراضا واحدا هو الذي استعنا فيه بمصمم رقصات وهو مشهد
البداية وصممه زميلنا محمد عزت، أما باقي الاستعراضات فقد اعتمدنا في تصميمها على أنفسنا.
ما هي العوائق الأخرى التي واجهتكم كفرقة مستقلة؟
بالطبع كوننا فرقة نابعة من الأقاليم هذا أحد أهم العوائق،
فنحن نقدم مسرح منذ ثلاث سنوات وكنا نقدم وغيرنا عروضا جيدة للغاية لكن لا يلتفت لها
فقط لأنها في الأقاليم، لذا شعرت بالسعادة عندما تغلبت على هذا المفهوم واستطاعت الأقاليم
أخيرا وتحديدا المنصورة التي هي منشأي أن تصدر الفن الراقي للعاصمة.
هل كنت تتوقع هذا النجاح؟
أود أن أعترف أنني كنت متخوف للغاية وكنت أتوقع أن أجد النقد
السلبي يفوق الإيجابي لأنني أعرف معنى أن ترتبط برواية وتضع لها تصورا بعينه في ذهنك
ويأتي أيا من كان ليشوه لك هذا الخيال، لذلك كنت أعرف قدر المسئولية التي أحملها لنفسي
وأحاول أن أكون على مستواها، ولكن ما فاجئني أن الإعجاب والإشادة طغى كثيرا على الانتقادات
السلبية وهذا ما أحمد الله عليه ويشعرني بالفخر وبأننا كنا على حق حين تمسكنا بهذا
النص.
ماذا تنتوي تقديمه بعد هذا النجاح؟
أولا إعطاء عزازيل حقها في أن ترى على أوسع نطاق، ثم العرض
القادم الذي أشارك فيه بالتمثيل ''أولاد حارتنا'' بدور إدريس الشيطان، وربما أحاول
قريبا أن أقدم أحد نصوص الأديب أحمد خالد توفيق كـ ''يوتوبيا'' أو أحد روايات سلسلته
''ما وراء الطبيعة''.
محمود دياسطي
''عزازيل''
يدرس في السنة الأخيرة له بكلية التجارة، بدأت رحلته مع المسرح
حين حضر أحد البروفات على مسرح الجامعة فوجد نفسه مبهورا به وقرر المشاركة بدأ كهاو
ثم احترف التمثيل حتى أصبح جزءا منه لا يستطيع فصله عن نفسه، محمود دياسطي الذي نال
القدر الأكبر من تصفيق الجمهور على أدائه لـ ''عزازيل'' شخصيا وهو الاسم الذي يدعو
به الشيطان نفسه في الرواية، أخرج دياسطي ثلاثة عروض وشارك بالتمثيل في 20 عرض، كما
عمل كمخرج منفذ، من أهم ما قدمه الزير سالم مع فرقة هواة المنصورة، دونكي شوت، و''ماكبث''
والذي كان من بطولته وإخراجه.
ما سر أداءك المميز لدور عزازيل الذي تسبب في
''السوكسيه'' الذي حصلت عليه في نهاية العرض؟
السر أنني رأيت عزازيل برؤية مختلفة فأنا لم أره شيطانا بالكامل،
وإنما هو النفس البشرية الضعيفة التي لاتستطيع مقاومة رغباتها، فهو يرقص ويضحك ويتحرك
كثيرا ويمزح، كما أنه لا يسيطر على شهواته فقد كان عزازيل هو نفس هيبا.
ألا ترى أن إدخال الكوميديا في دور جاد كدور
الشيطان كان مجازفة؟
لقد أردت متعمدا أن أكسر حدة هذا الدور وهذا الذي جعل الناس
تحبه.
من اختار هذه التيمة في الأداء أنت أم أحمد غباشي
باعتباره المخرج؟
المشكلة أنني أيضا مخرج في الأساس ولذا حدث بيننا جدل في
البداية لاختلاف تصورنا عن شخصية عزازيل، وطلبت منه أن نمر من مرحلة ''المشاهدة'' التي
يتم فيها الموافقة من قبل لجنة تحكيم على تقديم العرض أم لا، ثم يتركني بعد ذلك لأضع
تصوري، وهو وافق.
وكيف كانت استعداداتك للدور؟
لقد تخيلت الدور بالشكل الذي ظهرت به لذا اضطررت إلى إعفاء
لحيتي لفترة ومن ثم أخبرت الماكيير بالتخيل الذي في ذهني ونفذه كما تصورته.
عرفنا أنكم أنتم من صممتم الرقصات وتخبرني أيضا
أنك شاركت في تصميم الماكياج هل تعتمدون على أنفسكم في كل شيء؟
هذه طبيعة المسرح الفقير أو ما يسمى بالمستقل، فكل فرد يشارك
بما يجيده نظرا لضعف الإمكانات ولأننا لن نقدر على الاستعانة بمتخصصين في كل شيء.
من وجهة نظرك ما هي التحديات التي تواجه المسرح
المستقل؟
من أهم التحديات هي المنافسة والحروب التي يشنها المحترفون
على المبتدئين أمثالنا فقد واجهنا إحباطات كثيرة من هذا النوع، لكننا وجدنا عوضا عن
هذا في النجاح الجماهيري الذي حققناه، بل إنني أرى أن بعض الدعايا السلبية التي حاولوا
ترويجها عن العرض ساهمت بقدر ما في نجاحه.
هل الحروب التي شنت ضدكم فقط هي سبب نجاح العرض؟
بالطبع لا فاسم الرواية وحده جعل الكثير من محبيها يودوا
مشاهدتها حية سواء من الجمهور العادي أو من المسرحيين الذين ساقهم فضولهم لمشاهدة كيفية
تنفيذ هذه التجربة، كما أن الأخبار بنية بعض المشاهير حضور العرض روجت له أيضا.
لماذا حرصتم على تقديم العرض في الأقاليم قبل
أن تقدموه في القاهرة؟
كنا نتخوف من تقديم العرض الأول في القاهرة رأسا، قبل ممارسته
فقدمناه لنكتشف نقاط الضعف ونتفاداها، وبالفعل كانت نظرتنا سليمة فمع وصول العرض إلى
القاهرة بعد الزقازيق والمنصورة كان قد نضج وتبلور ومن وجهة نظري أنه كان أفضلهم.
وما التحديات التي واجهتك أنت شخصيا في عزازيل؟
أهم تحدي أنني استلمت الدور قبل ''المشاهدة'' بأربعة أيام
فقط وهي مدة غير كافية بالمرة لإتقانه، حتى أنني كنت أؤديه أمام لجنة المشاهدة وأنا
أقرأه من الورق.
ما هي أحلامك في المسرح؟
أحلم أن أقدم قيمة حقيقية، أنا يوما لم أسع للضوء والشهرة
أو أتمناهما، لذا أتمنى ألا يكون عملي في الفن بلا هدف وأن أستطيع أن أوصل قيمة للناس
من خلاله.
لماذا تحضر هذه الأيام؟
أحضر لعرض باسم ''المدنسة'' سأقوم بإخراجه وتقديمه في قصر
ثقافة المنصورة.
منى غنيم ''أوكتافيا''
منى غنيم التي بدأت عملها المسرحي مع فرقة ''جسور'' في الإسكندرية
بعرض واحد فقط، ثم انضمت منذ عام ونصف إلى ميلوفرينيا بدورها في عرض ''قهوة سادة''،
تلاها دور أوكتافيا في ''عزازيل''، والذي كان من أكثر الأدوار التي نالت تصفيقا حادا
في نهاية العرض.
هل وجدت صعوبة في أداء ''أوكتافيا''؟
على العكس تماما بل أنني أدعي أنني لم أكن أمثل فهي تشبهني
كثيرا في تقلبها وجموحها واندفاعها، لذلك تحمست كثيرا لأدائها عندما عرضها غباشي علي
والذي تصادف أنه حدثني عنها في توقيت كنت أقرأ فيه الرواية وكنت معجبة للغاية بشخصية
أوكتافيا.
هل كنت تتوقعين أن تحقق هذا الصدى مع الجمهور؟
لقد قمنا بالعرض مرتين في في نفس الليلة وفي المرة الأولى
كان الجمهور متفاعل معايا للغاية أثناء المشهد وهو ما حمسني وشجعني، أما في المرة الثانية
لم أجد نفس التفاعل لكن الجمهور فاجأني بهذا التصفيق الحاد الذي رأيتيه في الختام وهو
ما عوضني عن عدم تفاعلهم معي في العرض، وفي الحالتين كنت سعيدة.
هل قمت بتصميم استعرضات أوكتافيا بنفسك؟
الاستعراض الأول الذي استقبلت به هيبا حين رأته لأول مرة
وأنقذته من الغرق صممته بالكامل بنفسي، أما الثاني فكان بمساعدة زميلتنا خلود التي
قامت بدور ''مارتا''.
وهل واجهتك صعوبة في الأداء بالفصحى؟
أنا طبعا لست متمكنة من الفصحى تماما لكن التدريبات ساعدتني
في تحسينها.
No comments:
Post a Comment