فرقة ميلوفرينيا الناشئة تجسد على المسرح رواية "عزازيل" الفائزة بجائزة البوكر العربية
القاهرة ـ مريم عبد الحميد
أُقيم منذ أيام على مسرح البالون بالعجوزة، التجسيد المسرحي الأول لرواية "عزازيل" الشهيرة، والتي جلبت لمؤلفها الدكتور يوسف زيدان الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" 2009، وتسببت في جدل كبير لم ينتهِ حتى الآن.
قام بالإعداد المسرحي للرواية، الممثل الشاب "أحمد صبري غباشي ـ 23 سنة"، ولم يكتفِ غباشي برواية عزازيل كمصدر له، وانما اعتمد أيضاً على فيلم "أجورا Agora –" والذي جلب لمخرجه "اليخاندرو اميناجر" جائزة الأوسكار العالمية، حيث تدور أحداث الفيلم في نفس الفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث رواية عزازيل؛ وبالإضافة إلى ذلك اعتمد غباشي على خياله الخاص أثناء كتابته للمسرحية، مؤكداً أن الكتابة للمسرح تختلف كلياً عن الكتابة الروائية، مما اقتضى منه تلك التغييرات على النص.
قامت بآداء المسرحية فرقة "ميلوفرينيا" الناشئة، وضم فريق الممثلين: أحمد صبري غباشي ـ المخرج ـ في دور "هيبا"، والممثل الشاب محمود الدياسطي في دور "عزازيل"، منى غنيم في دور "أوكتافيا"، وسارة عبد الله في دور "هيباتيا"..
وعلى الرغم من العروض السخيّة التي قُدمت للدكتور يوسف زيدان، لتجسيد روايته التي تُرجمت إلى أكثر من 15 لغة عالمية حتى الآن، إلا أنه وافق فقط على عرض فريق "ميلوفرينيا"، رغم عدم التقائه بالكاتب المسرحي، ولا اطلاعه على النص المسرحي، وجاءت هذه الموافقة بعد اشتراطه ألا يتم العرض في إطار تجاري، وألا يهدف إلى الربح.. ولم يحضر زيدان العرض كما كان مقرراً، واعتذر قبل إقامته بيومين مؤكداً أنه يريد أن يترك الأضواء للشباب في يومهم، وأنه سيحاول مشاهدة تسجيل للعرض المسرحي.
ومن الملاحظ أن "أحمد صبري غباشي" في أثناء نقله الرواية إلى نص مسرحي، تجاهل تماماً مواضع إثارة الجدل في الرواية، تلك التي تتعلق بالعقيدة المسيحية، والخلافات اللاهوتية الكبرى التي أدت إلى انقسامات بين الكنائس الكبرى في القرن الخامس الميلادي نتيجة للخلاف حول طبيعة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء؛ تلك المسألة التي تناولتها الرواية بعمق، وارتكزت عليها فكرياً، أكد غباشي أنها غير مناسبة للعرض المسرحي، ولم يلتفت إليها في المطلق!
يتقاطع فيلم أجورا المُنتج عام 2009 مع رواية عزازيل في الجزء المتعلق بمقتل عالمة الرياضيات والفلك والفيلسوفة المصرية "هيباتيا"، وتتفق الرواية مع الفيلم في توقير هذه الشخصية واحترامها، بينما يختلفان في طريقة موتها؛ رواية د. زيدان تعتمد الحقائق التاريخية المتاحة عن مقتل هذه الفيلسوفة على يد مسيحيين متطرفين رجماً بالحجارة، والتمثيل بجثتها وسحلها في شوارع الإسكندرية؛ بينما يقدم الفيلم رؤية متخيَّلة عن أحد عبيد هيباتيا الذي يقتلها خنقاً بيديه رحمةً لها من الميتة الوحشية على يد المتطرفين؛ ونجد أن المسرحية قد اقتبست هذه الفكرة من الفيلم، وجعلت القاتل هو الراهب "هيبا" نفسه! وقد برر "أحمد صبري غباشي" هذا الفعل بأن هيبا يشعر على مدار الرواية بالذنب، دون أن يرتكب ما يُشعره بذلك، فجاء قتله لهيباتيا التي يُجلّها، مبرراً لهذا الشعور، حتى ولو كان قتله لها بنيّة إنقاذها من العذاب والقتل الوحشي.
نهاية المسرحية اعتمدت على خيال الكاتب "غباشي" كلياً، فمن المعروف أن "عزازيل" هو الشيطان في اليهودية والمسيحية، بينما قامت رؤية غباشي في مسرحية عزازيل على اعتباره الشيطان الخاص بالبطل "هيبا"، هواجسه وصراعاته النفسية وتناقضاته، وهكذا اختلفت نهاية مسرحية عزازيل عن نهاية الرواية، ففي الرواية يترك هيبا الدير ويتوقف الشيطان "عزازيل" عن الهمس له، بينما في المسرحية يقتل هيبا عزازيل ـ أوهامه ـ بخنجر منتصراً عليه!
No comments:
Post a Comment