Wednesday, 1 February 2017

حوار شامل مع صنّاع فيلم: الدرويش - جريدة التحرير


كتبت: إسراء الطيب.
أن تحمل الحلم ممزوجًا بهدف واجب التحقيق، هو أن تملك أحد أسباب الحياة، فيمكنك التنفس والعيش لغاية مرتقبة تقترب مع كل سعي تخطوه، وهو ما آمن به أربعة صحفيين اتخذوا منحنى موزاي لعملهم، عشقوا تفاصيله للخروج بعمل فني يشهد به العالم ويقدره. في صيف 2013، اجتمعت أربع مواهب كانت قد اتخذت كلًا منها مسعاها الخاص، فبرع خالد منصور في الإخراج، محمد مهدي في كتابة السيناريو، أحمد السيسي في التمثيل، وإسلام الشرنوبي في التصوير. مواهب كانت متفرقة كل في مجاله إلى أن قرروا أن يغيروا السينما الحالية والخروج بثمار مميز يشهد له العالم، عامان كانا الفيصل في تحقيق الحلم عند دخول آخر ثمارهم الفنية، مهرجان "كان" السينمائي، ليجعلوا العالم منحني لهم للمرة الأولى عالميًا، في واحد من أضخم المهرجانات عالميًا، يشاركهم فيه الممثل الواعد أحمد صبري غباشي. لينتهي الفريق من الفيلم ويقدمه المخرج خالد في محاولة لمعرفة تقييم المهرجانات العالمية لفنهم، حتى أتته المفاجأة هو وباقي فريق العمل بعد أن قبل ركن الأفلام القصيرة بالمهرجان، ليكون فيلمهم لائق بالمشاركة الدولية، ويظل وراء كل نجاح كواليسه وعثراته وهو ما يشارك فيه فريق العمل فيتناولوا كواليس الفيلم الذي أدرجه مهرجان "كان" لاحتفاله السنوي بأفضل ما تنتج السينما حول العالم. ويشاركنا الفريق إبداعه الفني ورحلته للوصول لـ"كان" كالآتي: 

خالد منصور.. مخرج ومؤلف
– بدايةً عرفنا على ركن الأفلام القصيرة الذي رُشح له الفيلم بـ"كان"؟
- "ركن الأفلام القصيرة، هو فعالية بيقيمها مهرجان كان كل سنة، ضمن عدد من الفعاليات التي من بينها المسابقة الرسمية، هدفها عرض عدد كبير من الأفلام القصيرة للمحترفين، وتوزيعها وتسويقها بشكل جيد".

- رد فعلكم بعد سماع خبر قبول الفيلم بالمهرجان؟
- "طبعًا رد فعلنا على دخول الفيلم كان ميتوصفش.. يعني صعب تشبيهه، بس أنا حرفيًا كنت بخبط راسي في الحيط، الفيلم فعلًا دخل كان".

- إيه الصعوبات التي واجهتك في الفيلم؟
- "صعب من بدايته ونهايته ورسم الشخصية وعقد التصوير كل المراحل، كان فيها تعقيداتها وصعوباتها، لكن طبعًا كان التحدي الأكبر هو الوصول بشخصية غباشي وشكله الخارجي لدرويش المتسول اللي في الشارع".

- السر وراء قصة الفيلم؟
- هاجس التحول وإهمال المجتمع يطاردنا جميعًا منذ دخولنا الفيلم وقبله، نرى أنفسنا في مكان "صلاح الطيب" بطل الفيلم "الدرويش" ذلك الشاب الشاعر الذي تحولت حياته للتسول والمكوث بالشارع في نسيان تام من المجتمع والحكومة، فبات الشارع مسكنه وبيئته الرئيسية، وبات بلا رعاية في هيئة تقلق من يراه. بدأت قصة الفيلم وفكرته من "بهنس" ذلك الفنان السوداني الذي مات على أرصفة شوارع وسط البلد في مصر بعد إهمال فنه من قبل الحكومة والدولة، وبعد أن كُرم دوليًا يهان قوميًا ويموت بلا مأوي، شكلت حالته هاجس يطارد العديد من الفنانين، فأراد الفيلم توثيق تلك الحالة ولفت نظر الدولة لتلك الفئة الهامة والمهملة تمامًا في المجتمع المصري والعربي.

- مدة كتابة القصة والخروج بالسيناريو؟
- "القصة تم كتباتها من سنه ونص والاسكربت فضلنا نطور فيه لحد قبل التصوير بيومين أنا والسيناريست محمد مهدي".

- رأيك في السينما الحالية المصرية؟
- "أعتقد السينما المستقلة هي الحل الوحيد لخروج السينما من العقود اللي فاتت اللي سيطرت فيها سينما الهلس والمقاولات، على الرغم طبعًا من وجود مخرجين عظام نحتوا في الصخر، الفن عايز كل الأذواق تكون موجودة التنوع مطلوب، فمش أفلام السبكي بس، أو أفلام هادفة علطول".  

- إيه هدفك؟
- "هدفي كمخرج إني أترك ما يفيد البشرية ويؤثر بها على مدى الحياة، ليس حياة مجردة، وعلى المستوى السينمائي الأوسكار والجولدن جلوب، أما هدفنا كمجموعة هو نفس هدفي كفرد تقريبًا.. لكن قررنا نشتغل مع بعض لإننا مؤمنين ببعض وبقوتنا كفريق عمل. "أما عن الخطط المستقبلية، شغال حاليًا في أكتر من مشروع بس بشكل نهائي لسه مقررتش، وفي كل خطوة بنعملها بيكون هدفنا الرئيسي من ورا الفيلم، التفكير في الحالة الرئيسية للمشاهد وإنه يكون خارج منها وهو مبسوط وعارفة أد أيه العمل ده اتبذل فيه جهد علشان يعجبه". ويكمل المخرج: "النموذج استحضرناه من كذا واحد هو جوا كل واحد فينا، هو الهاجس اللي خايفين نوصله لأن ممكن كل الفن اللي قدمناه يضيع، لأن مفيش ضمانات إني هفضل طول الوقت في تقدير من الناس، لأن الوسط دا قلاب، نجم يموت وهو وحيد في الآخر، زي أحمد زكى ما مات مديون ومعهوش فلوس وغيره كتير.

- كلمنا عن طبيعة التصوير لأوقات متأخرة ومكان التصوير؟
- علشان التصريح كان لازم نسلم الاسكربت لنقابة المهن السينمائية وبعدين الرقابة على الأفلام ومتابعات لمدة أسبوعين للحصول على التصريح في النهاية، بعدها وزارة الكهرباء في وسط إجراءات بيروقراطية كبيرة.

- الفيلم من إنتاج موقع مصراوي.. تعقيبك إيه على أول محاولة إنتاج لموقع إخباري؟
- "التجربة مهمة جدًا وبتدل على مستقبل مرتقب للسينما بعيد عن الأجواء الواقعة في السينما، وفريق العمل كل هدفه إننا نطلع بفن حلو ومبهر درجة أن القائمين عن العمل تنازلوا عن المقابل المادي الخاص بيهم في سبيل نجاح الفيلم بقوة".

- امتى هيتنقل فريق العمل لمرحلة الفيلم الطويل؟
- الفيلم الطويل محتاج ميزانية أكبر ووقت، علشان كده بناخد الأفلام القصيرة فلسه مش دلوقتي خالص". محمد مهدي.. السيناريست أحيانًا القصة بتكون عبارة عن هم مشترك بين فريق، ودة اللي حاولنا نطلعه في كل ثانية في العمل اللي مدته 15 دقيقة تقريبًا. مدة الفيلم في الإعداد؟ الفيلم استغرق أقل من شهر في تحويله من قصة لسيناريو، دي النسخة الأولى من الاسكريبت، وبعدها اشتغلت أنا وخالد على الاسكريبت عشان نوصل للنسخة النهائي.

- الفيلم يعتمد على الكلمة أم الصورة؟
- "الكلام في الفيلم مش كتير لخدمة طبيعة الشخصية والحالة اللي بتجسدها في الدرويش، وكان الهدف التعبير بالصورة بشكل أكبر".

- الهدف من وراء الفيلم؟
- "كان هدفنا واللي اتناقشت فيه مع خالد بعد ما قريت قصته وأثناء كتابة السيناريو والحوار، إننا عايزين نلقي الضوء على التحول اللي يمكن أن يطرأ على فنان عظيم، وإزاي الدولة والمجتمع والحكومة بتتعامل معاه، وفي فكرة كمان مهمة حبينا نشير إليها، هو إن الفن بينتصر في النهاية رغم كل شيء، لأنه بيعيش".

- أهم حاجة كنت عايز توصلها للجمهور؟
الأهم في الفيلم هو ليس النقطة الذي حولته من ماكان عليه، من شهرة إلى صلاح الطيب ولكن تعامل الدولة معاه وكيف بات منبوذًا ونكرة في المجتمع، دون اهتمام يُذكر، وكيف يتعامل المجتمع مع الفنان أو الشخص المثقف اللي قدملها علم وثقافة زي صلاح بطل العمل اللي كان حصل على جائزة الدولة تكريمًا لأعماله وبعدها يتم إهماله ليصل للشارع والتسول.

- في احتمال لانفصال الفريق الرئيسي؟
- "إحنا شغالين بروح الفريق، ولو جت فرصة لأي عضو مننا هيروح وياخد الفريق معاه حسب الدور، في المجال دا مفيش حاجة اسمها انفصال، بس كل واحد يشتغل لوحده ويجيب فرص لناس تانية.

- إيه هو حلمك؟
- "حلمي الشخصي، إني أفضل طول الوقت عندي القدرة أني أمارس الكتابة، لأن الكتابة نفسها ممتعة حتى قبل ما يبقى في عائد معنوي أو مادي، بحلم أني أعمل حاجة تفرق مع  الناس، نفسى أسيب حاجة تفرق مع الناس فكرة او معلومة بصى جديدة للحياة".

مدير التصوير.. إسلام الشرنوبي
- مدة التصوير استغرقت أد إيه؟
- "الفيلم استغرق تقريبًا من 5 أيام لأسبوع في التصوير، حصل فيها مشاكل كتير خصوصًا إننا بنصور في الشارع ووسط البلد وزحمة الناس والفضول".

- فريق العمل كله ملتحي تقريبًا هل أثر عليكم في التصوير؟
- فريق العمل كله بدقون فعلًا وده خلى ناس كتير تشك فينا، سواء شرطة أو مواطنين شرفاء.

- إيه كانت صعوبات التصوير؟
- "أهم صعوبات التصوير كانت بترجع للإمكانيات والإضاءة بشكل كبير جدًا، فالنهار ممتاز جدًا أما الليل فأزمة حقيقة مع نقص المعدات والإضاءة".

- أهم الزوايا اللي بتعتمد عليها؟
- "اتجهت في التصوير لإبراز عظمة وسط البلد والشخصية وانتقالاتها منخلال التقاط الزوايا السفلية بحيث تظهر المباني بشكل أكثر عظمة خصوصًا مع تصاميم وسط البلد ومبانيها التراثية.

- إيه هو حلم إسلام؟
- "وصلنا لمهرجان متميز نفسي أوصل للأوسكار وياخد مكان، والناس تقول إن إسلام ساب حاجة وفن مستمر".

أحمد صبري غباشي .. الكاتب وبطل الفيلم
- أكبر تحدي واجهك كان إيه؟
- "التحدي كان بشكل كبير في التغلب على المظهر العام والوصول للشخصية نفسها والتحول من شخص يرتدي بدلة في أحد المشاهد لشخص يرتدي ملابس متهالكة في أشد ليالي البرد، صعوبة الدور اتلخصت في إن الدور بعيد عني جدًا ومنطقة مش دخلتها قبل كده، لكني دايمًا بحاول أدور على الأصعب".

- خُفت من الشخصية؟
- "منكرش إني خوفت من دور الدرويش "صلاح الطيب" كونها معقدة وصعبة والتصوير نفسه خارجي كمان، وإنه عايز حالة مزاجية معين، والتعرض لمواقف كتير في وسط البلد ومضايقات بجانب هدومي مقطعة وفي عز الشتا وفحم على وشي، كلها عوامل مؤثرة".

- وإيه كان الحل للتأقلم؟
- "عشان اتخطى كل العقبات دي حاولت أبص بعين صلاح، الشخص اللي مش حاسس بحاجة وأنا كنت حاسس بالبرد فعلًا فكان حقيقى 100%".

- إيه كانت الانتقالة في حياة غباشي؟
- في المسرح عملت أدوار بعيدة عن بعضها زى دور شريف الكوردى فى الفيل الأزرق، ودور في عزازيل، وغيرها، المسرح الموضوع سهل شوية في كسر الملامح، أما السينما التفاصيل بتبقى واضحة شوية، فدا كان اختبار كبير وحققت منه إنجاز أكبر وكنت واخد قدامي مثال قوي لنجيب سرور. 

- إيه هي خططك المستقبلية؟
- "حاليًا يتشارك نفس فريق العمل في فيلم جديد يتجه بنسبة 90% للسينما الفلسفية أو المعقدة إلى حد ما، والتحدي الأكبر مع النوع ده نخلى دا ينجح وبميزانية قليلة".

سهر علاء..
المكياج العنصر الخفي وراء العمل فهي من قامت بتحويل ملامح غباشي من هيئة أجنبية لفرد متسول في ضواحي وسط البلد.
- "بالنسبالي كان التجربة الأولى فعليًا خدت جزء من المجهود، بس مرة مع مرة وصلنا للنتيجة النهائية باستخدام الفحم، وساعدني خالد المخرج في المكياج وتصميم الأزياء بشكل كبير".   


No comments:

Post a Comment