Sunday, 12 February 2017

حوار قديم مع أحمد صبري غباشي 2006 لجريدة الجزيرة العربية





حاورته: ريهام عبد الحميد 


تبدو الحياة عادية للغاية , وأحياناً مملة , ولكن ربما إن بحثنا قليلاً سنجد فيها ما يفاجئنا ..حمد صبري غباشي) , سبعة عشر عاماً , إنتاج أدبى غزير ومتميز , شهرة نسبية ,  يمكننى أن أقول أيضاً أمل كبير جداً في المستقبل .




 (الصورة إهداء من فنان الكوميكس الكويتي د. جرّاح علي الطبيخ)

-         يلقبونك بيوسف ادريس الصغير , ولكن كيف ترى نفسك فى هذه المرحلة الصغيرة والمتقدمة بنفس الوقت  ؟
-         مرحلتي التي وصفتيها بـ (الصغيرة والمتقدمة بنفس الوقت) أكسبتني ثقة كبيرة بنفسي ؛ يخشى البعض أن تتحول فيما بعد إلى غرور .. لكن عن نظرتي شخصياً للموضوع .. أجد أن الوضع طبيعي جداً ؛ فأنا لم أفعل شيئاً خارقاً .. قرأتُ فاستوعبتُ فشغفتُ فكتبت .. فقط ! .. بغض النظر عن تقييم مرحلتي لأن هذه مسألة لا يمكنني الحسم فيها .. وإنما يُترك هذا للآخرين .

-         ما هى بدايتك الاولى مع الكتابة ؟ وكيف تتأكد من انك تجيدها فعلاً ؟
-         هناك بدايات طفولية , وكانت كثيرة ومتعددة بالفعل .. ففي أول الأمر كنت أقوم بنقل نصوص القصص والكتيبات في أوراق تخصني ثم أكتفي بوضع اسمي عليها بمنتهى الفخر .. كان هذا في أول مرحلة من الابتدائية .. ثم بدأتُ بعد ذلك أخط بعض الهراء إلى أن تطور الوضع تدريجياً .. بدايتي الحقيقية والجادة كانت في عام 2004 حيث لاحظت وقتها أني قد بدأت أخط أشياءً من الممكن أن يقرأها الناس أخيراً وينتقدونها بجدية .. أما بالنسبة لتأكدي من أني أجيدها ؛ فهذا ليس ثابتاً عندي .. فأحياناً متأكد ، وأحياناً لا .. والفيصل في ذلك ردود فعل الآخرين .

-          هل تتقبل النقد نفسياً بصورة عادية أم تشعر بضيق ؟
-         أي نقد تحديداً تقصدين ؟ .. هناك أشخاص خُلِقوا خصيصا كي يحيلوا حياة الكتّاب إلى جحيم .. لو كان النقد عقلانياً مُمَنطقاً فهو يصيبني بسعادة بالغة بصدق .. سواء كان نقداً سلبياً أو إيجابياً .. أما من أشتمُّ في حديثه أنه يتقصّد بشكلٍ ما إهانة عملي فهذا لا أعبأ به على الإطلاق .. ربما أغفو نائماً لبعض الوقت حتى يفرغ !

-         ماذا تعنى لك الكتابة ؟
-         تعني جزءً كبيراً وممتعاً في حياتي .. فيها أجد نفسي مجردةً بلا شوائب .. بل وفيها أستطيع أن أجد الآخرين أيضاً .

-         من الكاتب الذى تتمنى الوصول لمستواه او تتخطاه ؟
-         لا أحد .. أريد أن أكون حالة مستقلة بذاتها ، وعندما أطمح مع نفسي دائماً للوصول لأعلى فإني أتخطى بطموحي كل المستويات .. أعشق (إدريس) و (محفوظ) و (د. أحمد خالد توفيق) .. وأتمنى أن أكون مؤثراً كما فعلوا .. لكن ليس بنفس الدرجة .. بداخلي طاقة كبيرة وأحمل رسالة أود توصيلها ، وأرجو ألا يضيع هذا هباءً .. " هم فعلوا .. لكن ماذا عني ؟ " .. هكذا أسائل نفسي دوماً .. أو بمعنى أدق : هكذا أستفز نفسي دوماً .



-         لك كتاب اليكترونى على مجلة مدارات المغربية والتى تتمتع بشهرة ومتابعة عالية على شبكة الانترنت  .  حدثنا عن كل الاعمال المنشورة لك ؟



-         حسناً .. سأحاول التظاهر بالتذكر وأقول أشياء كـ (أرجو ألا تخونني الذاكرة) و (دعيني لحظات كي أتذكر) كي أترك انطباعاً أن أعمالي المنشورة كثيرة جداً .. لكني فعلاً لن أستطيع حصر كل ما هو منشور على شبكة الإنترنت .. فهو كثير للغاية .. نشرتُ في مجلة (بص وطل) المشهورة ، ومجلة (مدارات) ، ومجلة (ديوان العرب) .. وكل من هذه الدوريات لها مستواها وجمهورها ولله الحمد .. لكن كل رصيدي من النشر في المطبوعات كان في إصدارات مجمعة تحوي العديد من الأدباء الشبان .. كالعدد الثاني من سلسلة (بدايات) التابعة لـ (دار ليلى) ، وكتاب (صفحة جديدة) التابع للمورد الثقافي ، والعدد الخامس من كتاب (الفائزون) التابع لمسابقة الأديبة الرائعة (نجلاء مِحرم) ، والعدد الرابع من (بدايات) التابعة لـ (دار ليلى) أيضاً ، والعدد الثالث من سلسلة (مولوتوف) - دار ليلى - ، وهناك مشروع كتاب جماعي أيضاً قريباً تابع لـ (بص وطل) .. أعتقد أن هذا هو كل ما في الأمر !

-         تتوزع اعمالك المنشورة بين شبكة الانترنت والنشر الورقى .. ايهما يعطيك الاحساس بالراحة اكبر ؟
-         الوضع الطبيعي هو أن أجيبك : النشر الورقي .. لكن هذا ينافي ما حدث معي - حتى الآن - .. فالنشر على الإنترنت هو ما أعطاني الرصيد الأكبر من الراحة والثبات ..  فمن خلاله انتشر اسمي ، وعرفني الناس وتابعوني ، وأتاح لي فرصاً قيمة ، وآمنت بموهبتي عن طريقه .. لكن من جديد أكرر فأقول : هذا ما حدث معي (حتى الآن) .. فعندما يصدر الكتاب المستقل الذي يحمل اسمي سأطير فرحاً بشدة كأي كاتب من المفترض أن عنده دم ! .. باختصار .. النشر على الإنترنت أراحني وثبّتني ، والنشر الورقي سيساهم في تحقيق جزء من أحلامي .



-           ما الذى يعنيه لك ان تكون فى السابعة عشر فقط ويحظى اسمك بانتشار نسبى فى الاوساط الادبية ؟
-         قد يعني هذا أنني ربما أكون من الذي يحدثون (فرقعة) لبعض الوقت ثم يتلاشون بعد ذلك .. أو قد يعني أن لديّ موهبة جيدة ستحطمها الظروف من حولي .. أو قد يعني أن أني سألاقي نجاحاً نسبياً في المستقبل .. أو قد لا يعني شيئاً مطلقاً .. الأمر نسبي .

-         هذا يخيفك ويضغط عليك ؟
-         لا أهتم .. أنا أكتب وحسب !

-         هل اثر الوقت المستقطع للقراءة والكتابه على وقت الدراسة فى هذه المرحلة العمرية ؟
-         ها قد أتينا للأحاديث المعقدة .. عموماً سأجيبك .. ما بيني وبين الدراسة أساساً علاقة غريبة .. سميها : سوء تفاهم ، أو كما يحلو لكِ .. بالتأكيد كان الأدب من ضمن الأسباب التي أدت إلى عثرتي الدراسية - أو فلنقل (انكبابي الدراسي) فسيكون هذا أدق - .. فقد كنت متفوقاً في يومٍ ما ، وعلى الناس أن يصدقوا ذلك .. لكن منذ بدء المرحلة الثانوية أصابتني حالة بغيضة من التشتت والانضغاط بين أكثر من أمر .. فوجدتُ نفسي أهتم بكل شيء وأي شيء قبل الدراسة .. أدب ، كمبيوتر وإنترنت ، رسم ، نشاطي في المسرح .. الخ . لكن دائماً كانت الدراسة في آخر القائمة .. فسَّر البعض هذا على أنه عته نادر ، وأفسره أني أكره نظام التعليم بشدة , وبوضعي هذا قد أكون نموذجاً غير طيب يضرب أولياء الأمور به المثل لأبنائهم على غرار (شايفين اللي مش بيشرب اللبن يحصلوا ايه !) .. لكن هذا ما حدث .

-         حدثنا عن نشاطك المسرحى , وعلاقته بالادب ؟
-         في إحدى قصاصاتي كتبت : " إن أردت رؤية الأدب مجسماً .. له طول وعرض وارتفاع وصوت ؛ فعليك بالمسرح " .. خضتُ التجربة وعشقتها بالفعل .. وعرضتُ على مسارح كمسرح (ساقية عبد المنعم الصاوي) بالزمالك ، ومسرح (أم كلثوم) بالمنصورة ، وبـ (مهرجان شبرا) السنوي .. ودفعني هذا لأن أقرأ المزيد في مجال المسرح - مما يثريني أدبياً قطعاً - وأفكر جدياً في أن أكتب للمسرح أيضاً .. لكن هذه مسألة غير هينة وتحتاج لإعداد وقراءات كثيرة .


-         كيف يتقبل والديك وعائلتك وضعك ككاتب صغير ومشهور نسبياً ؟
-         أستطيع أن ألحظ في أبي وأمي - وعائلتي عموماً - شعوراً بالفخر يفشلون في إخفائه .. لكنه شعور  يكون مقروناً دوماً بنصيحة ما عن أمرٍ ما متعلق بالدراسة كي لا يجعلني هذا أنغمس في الموضوع أكثر وأنسى الدراسة .

-         هل ستتخذ من الكتابة مهنة لك ؟
-         لا بالطبع .. ومن المُحال حتى أن أفكر في ذلك .. فلو تم ذلك سيكون أمراً بغيضاً حقاً .. الكتابة هواية لا حرفة .. متعة بالنسبة لي ، أمارسها لأنها جزءٌ من نفسي ومن مكنوناتي الداخلية .. وهذا الجزء من نفسي محالٌ توظيفه ووضعه في إطار محدد .

-         تملك املاً كبيرا فى المستقبل كما ارى ما هو اكبر طموحاتك ؟
-         هناك طموح شخصي يصعب التحدث عنه حالياً ؛ وهو الأكبر من بين كل طموحاتي .. وهناك طموحي الأدبي الذي يحتل المرتبة الثانية ، وهناك أيضاً طموحي في التمثيل للمسرح .. وأحياناً عندما أكون في لحظات صفاء مع نفسي وأتخيل الدنيا وردية ! .. أحلم بالسينما ..
وهناك طموح خاص .. في أن أكون الشخص المثالي الذي أتمناه .. لكنه على ما أعتقد لن يتعدى مجرد حلم .. ربنا يستر !

-         ما هى الاشياء التى لولاها لتوقفت عن الكتابة ,وما الذى يشجعك على الاستمرار؟
-         أولها بالتأكيد القراءة ، وهناك أيضاً اهتمام القراء وانتقادهم الدائم ، وكذلك لولا إحساسي بالمتعة دائماً لما وجدت الدافع للاستمرار .

-          اخر مشاريعك الادبية ؟
-         مشروع روائي ضخم سيتطلب مني مجهوداً رهيباً ووقتاً طويلاً جداً .. اسمه : (يحكى أن ...) ، وكذلك مجموعتان قصصيتان (سأكتب) و (للحب قوانينٌ أخرى) .

-         من الشخص او الاشخاص الذين لهم دور فعلا فى حياتك الادبية ؟
-         سأظل دوماً أؤكد على أهمية دور الأديب المبدع (د. أحمد خالد توفيق) الذي قدم لي الكثير - دعماً أدبياً ومعنوياً من المُحال إغفاله .. وكذلك الأديبة الرائعة (نجلاء مِحرم) التي بمثابة أم ثانية لي .. والعزيزة (يارا وفيق) التي قرأت كل ما أكتب واهتمت بانتقاده انتقاداً جاداً مفصلاً ، وكذلك العزيزة (إيمان هيثم) ، و (رامي السقا) ، و (محمد عبد السميع) ، و (أحمد حمدينو) .. أشخاص كثيرون جداً فعلاً كان لهم دور في ذلك .

-         كلمة اخيرة تحب تقولها ؟
-         للقارئ الذي سيقرأ هذا الكلام .. أرجو أن تطالع اسمي مستقبلاً على إصدارٍ ما ، وأن يؤثر فيك هذا الإصدار بالإيجاب .. لو حدث هذا فعلاً ؛ فسأحمد الله حمداً كثيراً على ما وهبني من نعمة الكتابة .

وهذا بعض مما تحتويه الحياة , بها الكثير والكثير من حمد صبري غباشى) .. فقط .. لمن يبحث .






No comments:

Post a Comment